إن فلسفة
محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
البيئية هي
أولا وقبل كل
شيء فلسفة
شاملة
مترابطة، إذ
تقوم على أن
هناك صلة
أساسية
وارتباطا
متبادلا بين
عناصر
الطبيعة، كما
أن نقطة
انطلاقها هي
الإيمان بأنه
إذا أساء
الإنسان
استخدام عنصر
من عناصر
الطبيعة أو
استنزفه
استنزافا فإن
العالم
الطبيعي
برُمّته سوف
يضارّ أضرارا
مباشرة. على
أن هذا
الاعتقاد لا
يُنَصّ عليه
في حديث واحد
نصا مباشرا،
بل يمثل
بالأحرى
المبدأ الذي
تنهض عليه
جميع أقوال
محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
وأفعاله. إنه
فلسفة حياته
التي على
ضوئها نستطيع
أن نبصر
ملامح
شخصيته.
إن أهم
ثلاثة مبادئ
في الفلسفة
المحمدية
المتعلقة
بالطبيعة
تقوم على
تعاليم
القرآن
ومفاهيم
الوحدانية
وخلافة البشر
والثقة في
الإنسان.
ويمثل
التوحيد حجر
الزاوية في
دعوة
الإسلام،
وهذا التوحيد
يراعى
الحقيقة التي
تقول بوجود
خالق واحد
للكون وأن
الإنسان
مسئول أمامه
عن أعماله:
"لِلَّهِ
مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ
وَمَا
فِيهِنَّ
وَهُوَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ"
(المائدة/
120).
ويقر محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
بأن علم الله
وقدرته
يشملان كل
شيء، ومن ثم
كانت الإساءة
إلى أي مخلوق
من مخلوقاته،
سواء كان
كائنا حيا أو
مصدرا من
مصادر
الطبيعة،
ذَنْبًا من
الذنوب
يجازَى
الإنسان
عليه. وفى
اعتقاده أن
جميع مخلوقات
الله متساوية
أمامه
سبحانه، وأن
الحيوانات،
وكذلك الأرض
والغابات
وينابيع
المياه،
ينبغي أن
يكون لها
حقوق
تُحْتَرَم.
أما
مفهوما
الخلافة
البشرية في
الأرض والثقة
في الإنسان
فينبعان من
مبدأ
الوحدانية.
ويوضح القرآن
أن الإنسان
يتمتع بوضع
متميز بين
مخلوقات الله
على الأرض،
إذ اصطفاه
ليكون خليفة
فيها وينهض
بمسؤولية
العناية
بغيره من
مخلوقات هذا
الكوكب. وهذا
واجب كل فرد
فينا ووجه
تميُّزه،
ومجلى الثقة
به. ورغم هذا
نرى القرآن
مرارا
وتكرارا ينهى
الإنسان عن
الكِبْر
منبها إياه
إلى أنه ليس
أفضل من سائر
المخلوقات:
"وَمَا مِنْ
دَابَّةٍ فِي
الأَرْضِ
وَلا طَائِرٍ
يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ
إِلاّ أُمَمٌ
أَمْثَالُكُمْ
مَا
فَرَّطْنَا
فِي
الْكِتَابِ
مِنْ شَيْءٍ
ثُمَّ إِلَى
رَبِّهِمْ
يُحْشَرُونَ"
(الأنعام/
38).
وكان محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
يؤمن بأن
الكون بما
فيه من
مخلوقات:
حيواناتٍ
كانت هذه
المخلوقات أو
نباتاتٍ أو
مياهًا أو
أرضين، لم
تُخْلَق
لتكون للبشر.
صحيح أن لهم
الحق في
استخدام
موارد
الطبيعة، إلا
أنهم لا
يمكنهم أن
يتملكوها
تملُّكًا.
ومن هنا ففي
الوقت الذي
يسمح الإسلام
للإنسان
بحيازة الأرض
نراه يضع
حدودا لذلك:
فعلى سبيل
المثال يمكنه
أن يحوز
الأرض فقط
طالما كان
يستعملها،
لكنه ما إن
يكفّ عن هذا
الاستعمال
حتى يصبح
واجبا عليه
التخلي عن
هذه الحيازة.
ويعترف
محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
بمسؤولية
الإنسان أمام
ربه، بيد أنه
كان دائما
وأبدا يدعو
إلى التواضع،
ومن ثَمّ
نراه يقول:
"إن قامت على
أحدكم
القيامة وفي
يده فسلة
فليغرسها"،
فهو هنا يبين
أنه، حتى عند
انتفاء كل
أمل لدى
للبشر، على
الفرد أن
يحافظ على
نمو الطبيعة.
لقد كان
مؤمنا بأن
الطبيعة حسنة
في ذاتها حتى
لو لم يستفد
البشر منها.
وبالمثل
نراه يحض
أتباعه على
التشارك في
موارد
الطبيعة، إذ
يخاطبهم
قائلا:
"المسلمون
شركاء في
ثلاث: الماء
والكلإ
والنار".
كما يعد
حرمان
العطشان من
الماء إثما
يعاقَب عليه:
"من منع فضل
مائه أو فضل
كلئه
منعه الله
فضله يوم
القيامة".
والواقع
أن موقف محمد
(صلى الله
عليه و سلم)
تجاه
الاستعمال
الرشيد للأرض
والمحافظة
على الماء
والطريقة
التي كان
يعامل بها
الحيوانات هو
دليل آخر على
التواضع الذي
يصبغ فلسفته
حول البيئة.
الاستخدام
الرشيد
للأرض