الألم
ظاهرة
بشرية
بالغة
التعقيد
، لا
تكاد
تخلو
الحياة
منها ،
ومع ذلك
تبقى
لغزا
محيرا
للطب
والأطباء
، ومن
جاراهم
في حقل
التعامل
مع
الأحياء
من
العلماء
.
لأول
وهلة
تبدو
كلمة "
الألم
" كلمة
بديهية
من
بديهيات
الحياة ،
ولكن
ماإن
تطلب من
إنسان أن
يصف لك
الألم
الذي
يشعر به
، حتى
ينظر
إليك في
حيرة
ودهشة
واستغراب
، وقد
يمتزج مع
نظرة
الحيرة
والارتباك
اتهام
ضمني
للسائل
بالبلاهة
والغباء
وخمول
الذهن .
حيرة
الإنسان
أمام فهم
هذه
الظاهرة
أدت إلى
ولادة
حيرة
أكبر في
مداواتها
،
ومحاملة
علاج
الألم أو
التخفيف
منه ،
ولهذا
كان
تاريخ
الإنسان
حافلا
بآلاف
التجارب
والمحاولات
في هذا
المضمار
وتعددت
بذلك
النتائج
والأساليب
المتبعة
في علاج
الآلام
وتسكينها
تبعا
لنوعها
وشدتها
والطبيعة
العضوية
للمنطقة
المصابة
من الجسم
البشري ،
ولاتزال
محاولات
وأساليب
علاج
الألم
مستمرة
تعريف
الألم
الألم في
الطب هو
منبه
فطري أو
طبيعي
يظهر
للدلالة
على وجود
حالة غير
سوية في
الجسم ،
أو
للتنبيه
إلى خطر
يتهدد
الجسم .
إلا
أن هذا
التعريف
على صحته
وبساطته
يبقى
ناقصا
وغير مرض
لجميع
الأطراف
، من
أطباء
وعلماء
نفس
وفلاسفة
ولغويين
، بيان
ذلك أن
الألم
إحساس
فردي
يختلف
شدة أو
ضعفا من
إنسان
لآخر ،
حتى عند
الإنسان
الواحد ،
ومن وقت
لآخر ؛
فضلا عن
أن
مايسبب
ألما
لإنسان
قد
لايسبب
ألما
لإنسان
آخر ،
مثال ذلك
(المسامير
المعدنية
أو
مايشبهها
من
الآلات
المعدنية
المدببة
الطرف
التي
يعمد بعض
الناس
إلى
غرزها في
أجسادهم
، كنوع
من إظهار
القوة أو
القدرة
على
الاحتمال
، أو من
قبيل
الطرافة
والتسلية
عن الناس
أو غير
ذلك من
الدوافع
.
هذا
العمل
لايسبب
ألماً
يذكر
لهؤلاء
القوم ،
بل على
النقيض
من ذلك
تماماً
قد يكون
مصدر
مسرة لهم
، وقس
على ذلك
الآلام
الموضعية
التي
تجعل بعض
المرضى
يئن
ويتوجع ،
بينما
لاتسبب
لبعضهم
الآخر أي
شعور
عكسي
واضح ! .
هذا
التناقض
يجعل
تعريف
الألم
صعباً بل
ويوقع من
يتصدى
لظاهرة
الألم في
حيرة
أكبر من
مجرد
حيرة
التعريف
؛ فإذا
أضفنا
إلى ذلك
أن الألم
قد يكون
نفسياً(
أو
عاطفياً
) ، أو
ذهنياً
أو
جسدياً ،
أدركنا
صعوبة
الوصول
إلى
تعريف
يرضي
جميع
الأطراف
, إذ أين
تنتهي
حدود
الألم
النفسي ،
وأين
تبدأ
حدود
الألم
الجسماني
؟!! .
وحتى
لا
نستطرد
إلى أبعد
من ذلك
في موضوع
مثير
للجدل ،
فإننا
نقنع
بالقول :
إن الألم
ظاهرة
معقدة
جداً
تشترك
عدة
عوامل في
إثارتها
،
والإحساس
بها ،
والاستجابة
لها ،
ويبقى
الهدف
الطبيعي
من هذه
الظاهرة
هو
التنبيه
إلى خطر
داخلي أو
خارجي
يهدد
الجسم .
العلاج
التقليدي
للألم
فيما
يتعلق
بالألم
الجسماني
، وهو
موضوع
كلامنا
هنا ،
تقوم
الأعصاب
الطرفية
بنقل
الإحساس
بوجود
مؤثر
مؤلم إلى
المخ .
والأعصاب
الطرفية
( نسبة
إلى
الطرف )
، هي
التي تصل
أو تمتد
من سطح
الجسم ،
ومن
مختلف
أعضائه
إلى المخ
، وسميت
كذلك
تمييزا
لها من
الأعصاب
المركزية
Central
Nerves
التي
لاتصل
إلى سطح
الجسم .
على
أن
الأعصاب
الطرفية
لاتنقل
إلى المخ
الإحساس
العام
بالألم (
أو
بالدقة
بوجود
مؤثر
مؤلم )
فحسب ،
بل تنقل
كذلك
الأحاسيس
المختلفة
كافة ،
التي
تمكن
الإنسان
من إدراك
ماحوله
في بيئته
والتعايش
معه ،
مثل
الإحساس
بالبرودة
والسخونة
، واللمس
الخفيف ،
واللمس
القوي ،
والاحتكاك
، وغير
ذلك من
الأحاسيس
، وتسمى
الأعصاب
الطرفية
التي
تنقل
الأحاسيس
إلى المخ
" أعصاب
الحس "
Sensory
Nerves
تمييزاً
لها من
الأعصاب
الطرفية
التي
تنقل
أوامر
المخ إلى
العضلات
والمفاصل
للحركة ،
والتي
تسمى "
أعصاب
الحركة "
Motor
Nerves
.
تعرف
الأقدمون
إلى
حقيقة أن
أعصاب
الحس
تنقل
أحاسيس
متباينة
إلى المخ
، فعمدوا
إلى
إثارة
أعصاب
الحسأو
تنبيهها
بمنبه
قوي ،
بحيث
يطغى
أثره أو
قوة
إثارة
الأعصاب
على أثر
المنبه ،
أو
المؤثرالمؤلم
، وبذلك
ينشغل
المخ
باستقبال
المنبه
أو
المؤثر
الأقوى ،
فلا يعود
الإنسان
يشعر
بالألم،
وهذا
مايسمى
طبياً
بــ "
الإثارة
المضادة
"
Counter
Irritation
.
من
أمثلة
الإثارة
المضادة
المستخدمة
في علاج
الأقدمين
للألم "
الوخز
بالإبر "
Acupuncture
، وقد
نشأت تلك
الطريقة
في الصين
منذ أكثر
من خمسة
ألاف عام
. وكذلك
استخدم
الأيرلنديون
القدماء
للطمي
الساخن
لعلاج
آلام
المفاصل
الروماتيزمية
، كذلك
استعمال
كمادات
الثلج
لعلاج
آلام
الحروق .
نظرية
البوابة
وضع كل
من عالم
النفس
الكندي "
رونالد
ميلزاك
" ،
وعالم
الفيزيولوجيا
( وظائف
الأعضاء
)
الانكليزي
"
باتريك
وول
" ، معاً
نظرية
حديثة
لتفسير
ظاهرة
الألم ،
وأسمياها
"نظرية
البوابة
"
The Gate
Theory
، والتي
مضمونها
أن
الحبل
الشوكي
للجسم
يشتمل
على
مايمكن
أن يكون
بوابة ،
تفتح
بواسطة
الأحاسيس
التي
تنقلها
أعصاب
الحس ،
وكذلك
بواسطة
أوامر من
المخ .
والحبل
الشوكي
Spinal
Cord
جزء من
الجهاز
العصبي
المركزي
، ويقع
داخل
تجويف
الفقرات
العظمية
، التي
يتكون من
مجموعها
العمود
الفقري (
أو سلسلة
الظهر )
، ويتصل
بقاعدة
المخ .
وتتصل
جميع
الأعصاب
الطرفية
بالحبل
الشوكي ،
أي أن أي
إحساس
تنقله
الأعصاب
الطرفية
لابد وأن
يمر
بالحبل
الشوكي
قبل
وصوله
إلى المخ
.
وفقا
لـ
نظرية
البوابة
يمكن
تفسير
بعض
الأمور
الغامضة
المرتبطة
بظاهرة
الألم ،
فمثلاً :
في حالة
لاعب
السيرك (
أو
الحاوي )
الذي
يغرز في
جسمه
قطعا من
الزجاج
أو
المسامير
المعدنية
دون
الشعور
بالألم ،
تكون
حالة
الزهو أو
الرضا عن
النفس
نتيجة
عمل خارق
، سببا
في أن
يصدر
المخ
أوامره
بإغلاق
البوابة
في الحبل
الشوكي ،
فلا يمر
الإحساس
بالوخز
الذي
تنقله
الأعصاب
الطرفية
، ولايصل
إلى المخ
، وبذلك
لايشعر
ذلك
الإنسان
بالألم .
((
إن
استيعاب
وجود
مؤثر
مؤلم ،
وإدراك
طبيعة
المؤثر ،
والإحساس
بالألم ,
كل ذلك
يحدث في
المخ ،
وليس
معنى ذلك
أن المخ
يتألم؛
فالحقيقة
العلمية
تقول أن
نسيج
المخ
غيرحساس
للألم ،
ومعنى
ذلك أن
المخ هو
الذي
يترجم
الرسالة
العصبية
الواصلة
إليه إلى
إحساس
بالألم
في
الموضع
من الجسم
المتعرض
للمؤثر
المؤلم
)) .
ووفقا
للنظرية
نفسها ،
فإن
الأحاسيس
المتباينة
، التي
تنقلها
الأعصاب
الطرفية
يمكن أن
تكون
سبباً في
إغلاق
البوابة
في الحبل
الشوكي ،
أو فتحها
. وعلى
ذلك يمكن
القول :
إن الوخز
بالإبر
الصينية
، والطمي
الساخن ،
وكمادات
الثلج
تكون
سبباً في
إغلاق
بوابة
الألم في
الحبل
الشوكي .
كذلك
تفيد
نظرية
البوابة
في تفسير
نوع من
الألم ،
حار الطب
والعلماء
في
تفسيره ،
وهو
مايسمى "
ألم
الشبح
"
Phantom
Pain
( ألم
العضو
المبتور)
؛ فبعض
المرضى
الذين
يتطلب
إسعافهم
بتر جزء
من الجسم
، مثل
ساق أو
ذراع ،
يشعر
أحيانا
بآلام
مبرحة في
موضع
الجزء
المبتور
، وليس
في الجزء
الباقي
منه ! ؛
فإذا تم
اعتبار
أن حسرة
المصاب
على
فقدان
ذلك
الجزء من
الطرف
المبتور
من الجسم
تكون
سبباً في
فتح
بوابة
الألم ،
أمكن
بذلك
تفسير
حدوث
الألم
لديه (
هذا
التفسير
لايقل
غرابة عن
الألم
نفسه ).