وأشهد أن سيدنا محمـداً رســــول الله الوحيـــد في سيــادتــه والأوحــد فــي زعــامتــــه
سعادة المكرم/ الأخ المفضال الأستاذ أيمن وهــــدان أعـــــز الله قــدركم ومقداركم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعـــــــــــــــــــد
يقول الحق جل وعلا لأمته في آية الزعامة لحبيبه صلى الله عليه وسلم ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
ويقول سبحانه وتعالى ليبين لنا أن هذا النبي له دوران في حياة إنسان الأمة الذي ينظر لرسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة البصيرة لا البصر..لأن ربنا يقول ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) يقول ربنا عن الدورين الذين جعلهما لزعيم الأمة في حياة إنسان أمته ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) .
ويقول سبحانه وتعالى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا).
ومن هنا أصبح واجبا على كل ذي بصيرة واعية وفطرة سليمة أن ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه هو الشاهد البصير إبان حياته وهو السراج المنير من بعد انتقاله..ليضئ في الصدور ظلمات الأنفس..فيطهرها من الحقد والحسد..والضغينة والعقد..ومن الرجس والفسق ..والغل والطمع..فهو صلى الله عليه وسلم..الشفيع والشافع..والمشفع والأشفع لهذه الأمة عندما يتقهقر كل نبي مرسل ويتراجع كل رسول مقرب..وبهذا الدور الذي ينتهي عند خط قبول الشفاعة المحمدية ..أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا في وجدان ووجود إنسان أمته..لأنه قال ومازال يقول ( ما من أحد منكم يرد علي السلام إلا رد الله لي روحي حتى ارد عليه السلام).
وقال ومازال صلى الله عليه وسلم يقول( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون).
وقال ومازال صلى الله عليه وسلم يقول(أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم).
وهو صلى الله عليه وسلم المستغفر الدائم لأمته بدليل قول ربنا في سورة النساء ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).
وبدليل قول ربنا في سورة محمد صلى الله على سيدنا محمد( واستغفر لذنبك وللمؤمنين وللمؤمنات).
وعليه..وجب على كل من حباه الله نعمة العقل والإعقال أن يعلم علم اليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النبي الأغلى عند الجليل الأعلى..وهنا..وهنا فقط..يصبح هذا المسلم وذاك..هو خط الدفاع الأول عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم..فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم..أغلى عنده من منصبه وجاهه..وماله وأولاده..وحياته ومعاشه..لأنه صلى الله عليه وسلم هو القائل:
( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين).
ولذلك..عندما نرى أو نسمع بين الفينة والأخرى..أن هناك سبا أو إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم نسأل أنفسنا هذا السؤال:
ياتــُــرى ما الذي أغرى المسيئين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعلوا ذلك؟
فتأتينا الإجابة التي ليس لها مرادف آخــر ألا وهي:
أن السبب يعود إلى البيت من الداخل..ونعني بالبيت من الداخل..صفوف المسلمين..فعندما ينظر من أساء ويسئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..إلى ما يقوله المسلمون عن نبيهم..بل ويحولون أوامره ونواهيه..إلى عكس ما أمر به أونهى عنه..فهنا..تسنح الفرصة للإساءات أن تبـــدر وللمسئ أن يظهر..ولكن..لو أن كل من فكر أو دبر..في الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم..كان يعلم أن هناك خطا دفاعيا سيصعب عليه أن يجتازه..لفكر ألف ألف مرة في أن يتوقف..بل ولفكر ألف ألف مرة..في أن ما سيقوله ليس هو عين الصواب..لأن ما سيقوله في حق سيد المؤمنين وزعيم الموحدين..ليس له وجود..لأن أمته..بتعاليمه صلى الله عليه وسلم تسير..وبهديه تستنير..فلا فرقة بيهم ولا شحناء..ولا عداوة ولا بغضاء...
فغنيهم كما قال صلى الله عليه وسلم شقيق لفقيرهم بماله..وفقيرهم عون لغنيهم بجهده..وعالمهم شقيق لأمته بعلمه ..وأميهم شقيق لعالمهم بإصغائه..وقويهم شقيق لضعيفهم بقوته..وضعيفهم شقيق لقويهم بحنكته.. وراعيهم شقيق لرعيته بعدله..والرعية شقيقة للراعي بطاعته..عطاء بعطاء فليس لطبقة فضل على طبقة لأن الجميع في بناء مجتمع المسلمين شركاء..
نعم والله..لو أن من أراد أن يسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. وجد حال المسلمين..كما أراده الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة بقوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)..لما جــرُأ وتجرأ أن يفعل ذلك..ولو أنه رأى أن هذه الأمة تعظم قدر نبيها..لما تجرأ أن يفكر..في أن يسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم..ولكنه عندما يجد أن بعضا منا قد خرجو ومازالوا..يقولون..الإحتفال به بدعة..
وشد الرحال إلى مسجده في المدينة المنورة بدعة..
والإحتفال بعيد هجرته لم يرد..والإحتفاء بمعراجه الشريف صلى الله عليه وسلم إبتداع..
والصلاة عليه دائما تشغلك عن ذكر الله..
نقول عندما يجد من يسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم..أن من بين صفوف المسلمين من يقول عن نبيه هذا القول ويشدد عليه..فماذا ننتظر من ذلكم المسئ أو ذاك أن يقول عن نبينا صلى الله عليه وسلم؟
بالله عليك يا أستاذ أيمن..ونتمنى عليك..ونحن على يقين من أنك تفعل ما نتمناه عليك..نتمنى عليك أن ننظرمعا بعين الباكي على حال هذه الأمة..لا المتباكي عليها..أن ننظر بعين المحب لا بعين المسئ..نحن جميعا مستفيدون من رسول الله صلى الله عليه وسلم..أكنا أفرادا أم أكنا بلدانا..فبإسلامه صلى الله عليه وسلم الذي جاء به إلى الدنيا تبوأنا أرفع المناصب وتقلدنا أجل المراتب..وبإسلامه صلى الله عليه وسلم الذي أضاء به الكون..فجر الله أنهار الخير في ربوع بلدان المسلمين..أليس الأمر كذلك؟!
إذا..وجب على هذا المسلم وذاك..الذي أسلم بإسلام جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم..وآمن بقرآن أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم..وجب عليه أن يعرف دوره تجاه نبيه صلى الله عليه وسلم..حتى يحسب كل من أراد أن يسئ لهذا النبي صلى الله عليه وسلم..الف ألف حساب قبل أن يسئ..ويحسب ألف ألف حساب لوأنه جانبه الصواب وأساء..والكلام واضح ..والقول غني عن الإيضاح..لأن بعضا منا..لا يريد للإسلام إلا أن يخرج من حنجرته هو ..وهوفقط..فضعف هذا الحديث الشريف..وألغى ذلكم القول النبي الكريم..وصنف هذا المسلم بأنه مبتدع..والآخر بأنه مبتذل..والثالث بأنه خارج عن الملة..والرابع بأنه أشرك مع الله..وبهذا التصنيف اتسعت الثغرة في صفوف المسلمين..واتضحت الهوة بين المؤمنين..فوجد الطامعون مرادهم..وسعوا لتحقيق مقصدهم ومأربهم.
فوالله..لو أن المسلمين في كل بقعة تواجدوا..وفي كل مكان حلوا..وإلى أي مكان رحلوا أو ارتحلوا..أظهروا قدر حبهم لنبيهم..وأبدوا عظيم محبتهم لزعيمهم صلى الله عليه وسلم..لعرف الطامعون أن تفريق المسلمين صعب المنال..وأن تفتيت وحدتهم..لا يمكن بحال من الأحوال بل هو عين المحال.
وهنا قد يتساء متساءل..وكيف يبدي المسلم حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم..ليتوقف الطامعون والمسيئون؟
والإجابة ما أسهلها..ولكن أين من يكسر القيود التي فرضها على نفسه ليطبقها..الإجابة هي.. إعادة التذكير بدور رسول الله صلى الله عليه وسلم..الى دوره صلى الله عليه وسلم الذي يبدأ بظهور رسالته النبوية العامة والشاملة..وينتهي عند خط الشفاعة المحمدية التامة..وهذا لا ولن يتأتى..بمظاهرة هنا أو تظاهرة هناك..وهذا ليس تقليل من شأن تلك المظاهرة أو هذه..ولكن إظهار قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأتى بالتالي:
ـ الإحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريف رسميا..بأن يقوم المسلمون والقائمون على أمورهم بدعوة صفوة المجتمع الذي يتواجدون فيه..ويعيدوا على أسماعهم ومسامعهم دور رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياة المسلم..بل في حياة هذا الوجود..لأنه صلى الله عليه وسلم قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
ـ الإحتفال رسميا بمعراجه الشريف صلى الله عليه وسلم..ليعرف القاصي والداني..بأن مكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه..تتجاوز المكان وتخترق حجب الزمان..فيتعرف غير المسلمين على مكانة هذا الزعيم صلى الله عليه وسلم وقدره في صدور محبيـــــــــــــــــــــــه.
ـ الإحتفال بعيد هجرته النبوية المشرفة..ليتفهم الغيـــــر..كيف أن هذا النبي صلى الله عليه وسلم ..ما سعى لدنيا يطلبها من أحد..وما طمع في مال في يد أحــد..وما رغب في منصب يتقلده من أحــد..لأنه اختار ما عند ربه( ولسوف يعطيك ربك فترضى)..وليتعرف العالم أجمع على قدر حب الموحدين لسيد الموحدين..الذي هاجر بدعوته حفاظا على دعوته وكلمة ربه..الذي هاجر بدعوته من أجل إنسان أمته..الذي هاجر بدعوته من أجل تحرير الإنسان في كل مكان..من أغلال الطمع في غير الله..وليحررعقيدته من الخوف من غير الله..بهذه الفعاليات الدائبة والدائمة ..والرسمية أولا قبل أن تكون محصورة أو فرادية أو فردية..سيعرف من أراد أن يسئ أن هناك حراسا لأعتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفون به رسميا وجماعيا..فعندها سيبتلع هذا المسئ وذاك إساءاته..أو يجعلها رهينة وحبيسة في صدره.
ولكن العجب كل العجب يا أستاذ أيمن..أنك عندما تريد ان تقول عن العلاج الناجع..والدواء الأنجع..ستجد من يخرج عليك..وحتى ونحن في هذا الخطب الجلل الذي نعيشه هذه الأيام بسبب ما حدث وبدر..ستجد من يخرج عليك من بين صفوف الأمة..ليقول لك إن هذه الأشياء بدعـــــــــــــــــــــة..!!
وينسى البعض منا بأننا نحتفل باليوبيل الفضي لهذا البلد..ونحتفي باليوبيل الماسي..لهذا المكان..ونحتفل بالعيد الذهبي لهذا الصرح..وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم..نجــــــــــــــــــــد أن سيرة الحديث عن أي إحتفال رسميا به..هو بدعــــــة..
ثم تجدنا بعد ذلك نريد أن ندافع عنه..كيف يكون ذلك..ويتفيقه البعض منا بالبدعة والإبتداع؟!..
وإذا كيف سندافع عنه..إن لم ننتهز كل فرصة..وكل حدث..وكل أمـــر يتعلق به صلى الله عليه وسلم..لنتحدث عن شمائله وأخلاقه..ومسلكه وسلوكه..ونهجه ومنهاجه؟!
هل المظاهرة..ونحن لا نقلل من شأنها..ولكن هل مظاهرة تنتهي فعاليتها..كما انتهت فعاليات غيرها في مناسبات عديدة ومتعددة..هل يا أستاذ أيمن.. مظاهرة ستجعل من يريد أن يسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوقف عن إساءته..أم أن الإحتفالات والإحتفاءات الرسمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية بــه ومن أجلــه صلى الله عليه وسلم الذي تـــــُــدعــــــى إليه وفيه كل فئات المجتمع وألوانه وأطيافه..هو الذي سيجعل من يسئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يفكر قبل أن يدبر..ويتدبر قبل أن يقول..؟!
سيدنا يا رسول الله..يا زعيم الأمة..يا رحمة الله للعالمين
هذا هو حال أمتك فانظر إليها بعين رفقك..واستغفر لها عند ربك..فأنت لها يا سيد الأنبياء ويا درة المرسلين..وكيف لا ..وقد قال لك ربك..وأخبرنا بذلك عن قدرك ( النبـــي أولـــى بالمؤمنين من أنفسهم)..وكيف لا وقد بين لنا ربنا مكانتك ودورك( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
أخانا المفضال/الأستاذ أيمن أكرمكم الله وإيانا
نتمنـــى عليكم نشر رسالة الأسرة الدندراوية هذه..ليهئ الله لها من يقرأها ..وحسبنا قول ربنا ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيــــد).
لكم منا أطيب المنى وجمعنا الله وإياكم على الخير وفي الخير..ونسأله بفضله ورحمته أن يعيد لهذه الأمة قدرها وقدرتها..فلقد تعب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنائها..حتى أقام إسلامها وجمع مسلميها..اللهم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوانكم/ الأسرة الدندراوية
مركز دندرة الثقافي
النمسا ـ فيينــــا
